ربّما يكون الرّدّ المنطقي الذي يتبادر لذهنك هو: بالطّبع ممكن. أليست تلك الأمور هي
ما يريده الله منّا؟ إلاّ أنّ إجابتي على هذا السّؤال هي: بالطّبع لا، والسّبب وراء هذا هو أنّنا جميعاً وُلِدنا بالخطيّة. يقول نبيّ الله داود في المزمور 51: 5 . ولأن داود كان يعلم أنّه من المستحيل عليه أن يفعل أيّ شيء بقوّته ليقترب من الله، فقد صرخ في هذا المزمور نفسه مزمور 51: 9 - 10 . لقد وُلِدنا جميعاً بالخطيّة، أي وُلِدنا في حالة انفصال كامل عن الله، لأنّ الخطيّة ظلمة والله نور، ولاشكّ أنّك تعرف أنّ النّور والظّلمة لا يمكن أن يتواجدا في مكان واحد.
أرجو ألاّ تفهم من كلماتي أنّني أقصد أنّ الصّوم والصّلاة وإعطاء بعض الأموال للفقراء، والأعمال الصّالحة الأُخرى كلّها أمورٌ سيّئة أو غير مفيدة، أو أنّني أقصد أنّه لا طائل من ورائها وأنّنا لا يجب أن نفعلها، أنا لا أقصد هذا على الإطلاق. ما أريد أن أقوله هو أنّنا في حالة ظلمة وخطيئة لا تمكّننا من التّواصل مع الله، لأنّ طبيعتنا الفاسدة لا يمكنها التّواصل مع طبيعته النّورانيّة، ولكي يتمّ هذا التّواصل نحن في حاجة لتغيير طبيعتنا لنتمكّن من التّواجد معه في مكان واحد. خطايانا وآثامنا جعلتنا في حالة موت روحي، أي في حالة انفصال كامل عن الله الذي هو الحياة ذاتها. يتحدّث الرّسول بولس في {refالرسالة إلى أهل رومية 6: 23| 23لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.}. فنحن أموات وهو الحياة، فكيف يمكننا التّواصل معه؟. لا يمكننا أن نفعل أي شيء يوصلنا لله لأنّنا أصلاً موتى. لقد صدر علينا حكم الموت الرّوحي بسبب خطايانا.
أمّا الصّوم والصّلاة والصّدَقات، إلخ، فهي ليست إلّا محاولات يائسة لإقناع أنفسنا بأنّنا نفعل ما علينا. تخيّل أنّ شخصاً قتل شخصاً آخر وحُكم عليه بالإعدام، فهل يمكنه أن يقول للقاضي: أرجو أن تلغي حكم الإعدام لأنّني قرّرت التّوبة، وقرّرت أن أفعل أشياء صالحة فيما بعد، لن أرتكب تلك الخطيّة مرّة أُخرى. بالطّبع سيقول القاضي له: هذا جيّد لكن لابدّ من تنفيذ الحكم. الأمر نفسه ينطبق على صومنا وصلواتنا، فنحن لا يمكننا أن نتغاضى عن القانون الإلهي "أجرة الخطيّة هي موت وانفصال"، كما أنّ الله لن يتغاضى عنه (القانون الإلهي) لأنّنا سنفعل بعض الأشياء الصّالحة.
الحقيقة هي أنّنا في حاجة لمن يحمل عنّا حكم الإعدام ويموت نيابة عنّا. يقول الكتاب المقدّس عن المسيح في رسالة أفسس 2: 4 - 5 . أمّا من لم يؤمنوا بالمسيح فقد قال هو عنهم في إنجيل يوحنا 8: 24 . إنّ الأمر يعتمد على نعمة الله وعمله. فهل سنعتمد عليه أم على أنفسنا وأعمالنا وأصوامنا وبرّنا الذّاتي؟ لن تفيد تلك الأشياء لأنّنا أموات يا صديقي. نحن في حاجة لحياة جديدة من عند الله.
نعم، فالحقيقية هي أنّنا في حاجة لمن يمكنه أن يبدّل طبيعتنا المظلمة ويحوّلنا إلى نور، له طبيعة الله نفسها فيمكنه التّواصل مع الله. من يمكنه أن يفعل هذا؟ قال المسيح في إنجيل يوحنا 8: 12
. لا شيء يمكنه أن يجعلنا نور ويغيّر طبيعتنا لنكون قادرين على التّواصل مع الله، لا الصّلاة ولا الصّوم والصّدَقات يمكنهم فعل هذا، لأنّهم ليسوا إلّا محاولات مستميتة لإسكات ضميرنا ولشراء غفران الله. غفران الله يتمّ قبوله بالإيمان وبالنّعمة فقط، لأنّنا لا يمكننا أن نفعل أي شيء يجعلنا نستحقّه.
على الصّليب مات المسيح عنّا دافعاً ثمن خطيئة كلّ منّا، وحين نقبل موته من أجلنا نعلن أنّنا نقبل فداءه لنا، ونقبل الغفران المجاني بالإيمان بالنّعمة كما يقول الكتاب المقدّس في رسالة أفسس 2: 8 . فالخلاص من دينونة الله الأبديّة لا يتمّ إلّا بقبول الغفران الذي لنا في المسيح. الكتاب المقدّس يؤكّد أنّ الصّليب هو قوّة الله التي تخلّص كلّ من يؤمن به، حيث يقول الرّسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس 1: 18 .
لن يلغي أيّ شيء تفعله حكم الإعدام أو الانفصال عن الله. قبولك للمسيح بالإيمان هو وحده القادر على أن يجعلك مقبولاً أمام الله، وبعد أن تنال الحياة وتتغيّر طبيعتك، يمكنك أن تقوم بالصّوم والصّلاة وبكلّ الأعمال الصّالحة الأُخرى، كنوع من التّواصل المُحِب للنّموّ في العلاقة العميقة مع الله. عندما تكون حيّاً روحيّاً سيكون لتلك الأمور قيمة حقيقيّة وليس قبل ذلك.
نشجّعك على التّواصل معنا (اضغط هنا)