تعرّف على مشاعرك في فترة المراهَقة وحاول أن تتفهّمها.
فلنتحدّث عن مشاعر المراهِق والتي تختلف عن مشاعر شخص ناضج، لأنّ مرحلة المراهَقة تكون فيها المشاعر مُرهَفة وحسّاسة جدّاً، وفيها يشعر المراهق بانجذاب للجنس الآخر وميل لاكتشاف الآخر ويريد التّعرُّف على شخصيّة الآخر، ويشعر بحُبّ جارف يستغرقه في أحلام اليقظة والتّأمّل في مستقبل مليء بالحُبّ والرّومانسيّة مع فتاته، بينما إذا استمرّت هذه الأحلام معه لفترة أصابته بالملل. وحين يرى فتاة بمواصفات أخرى غير الأولى، فسوف تختلف مشاعره،
وتبدأ في الميل للأخرى، وهكذا. فهذه الفترة من الحياة متقلِّبة ولا يستطيع المراهق فيها السّيطرة على مشاعره، فتارةً يُحبّ (س) وتارةً يشعر بحُبّ جديد لـ (ع)، وهكذا إلى أن تهدأ هذه المشاعر فيتأكّد المراهق أنّ هذا كلّه كان وهماً اسمه حُبّ المراهقة. فالمراهق يكون مرهفاً جداً وحسّاساً ويصعب عليه تحديد اتّجاهه، فمشاعره تظهر وتختفي بسرعة، وتجعله يوماً سعيداً، ويوماً مهموماً، فمشاعره تختلف من يوم ليوم. وأحياناً يبدو حسّاساً بدرجة كبيرة وكأنّه يبحث عن حلّ لمشكلة، فإذا نصحه صديق مخلص له، نصيحة أو ذكَّره بشيء يفترض عليه عمله، يتصرّف وكأنّه عامله بقسوة وخشونة ويتهكّم عليه، والحقيقة هي أنّه لا يقصد إلّا مصلحته ويريد مساعدته. ولكن مشاعره كانت وقتئذ حسّاسة جدّاً وجعلته يسيء فهم دوافع الشّخص الآخر ويودّ الانتقام منه. وفي أوقات أخرى يكون فيها سعيداً ومتفائلاً وإذا وجَّه إليه الصّديق نفسه النّصيحة نفسها فقد يشكره على نصيحته. لهذا نكرّر أنّ هذه المرحلة لا تحمل لك يا عزيزي الشّاب مشاعر حقيقيّة تستطيع من خلالها الحكم على الأمور، ولكنّها كمَوج البحر فتكون تارةً هادئاً وتارةً متقلّباً فكن حذراً، واحرص على مشاعرك ولا تكن كشخص في الصّحراء أخذ يشرب كلّ الماء الذي معه في وقت واحد، وحينما احتاج إلى ماء لم يجد. فمشاعرك أمانة لديك، فلا تستنزفها في مرحلة من حياتك تحتاج فيها إلى تركيز أكثر على مستقبلك الدّراسي والعلمي. فسيأتي يوم تحتاج فيه إلى مشاعرك وأحاسيسك لتقدّمها لمن اختارها قلبك وعقلك.
عزيزي الشّاب إذا كنت في فترة المراهقة الآن فأنت أمام اختبار حقيقي، وعليك أن تجتازه بنجاح. فحاول أن تجتاز الأوقات الصّعبة التي ترى نفسك فيها غير راضٍ عن نفسك وعن الآخرين، حاول أن تجتاز هذه الفترة التي كثيراً ما سيطرت على أشخاص ولم يستطيعوا أن يهزموها، فانساقوا في تيّارها ولم يحقّقوا أيّ حلم من أحلامهم. فهي فترة محدودة، ولكنّها تحتاج منك إلى صبر وعزيمة تستطيع من خلالهما تحكيم عقلك والتّفكير برويّة، حتّى لا تفقد السّيطرة على الأمور. فلا تكن متهوّراً ومتسرّعاً في قراراتك، فالحُبّ ليس كلمة تقولها أو إحساس جميل تشعر به، بل الحُبّ هو مسؤوليّة وليس مجرّد مشاعر تسيطر على عاطفتك فتظنّ أنّه حُبّ، بل كن صبوراً وسوف يأتي اليوم الذي تحبّ فيه حقّاً ويُكلَّل هذا الحبّ بالزّواج، وحينذاك تكون على قدر المسؤوليّة. عزيزي كن ودوداً لمن ينصحك ويرشدك فأنت في هذه الفترة تحتاج إلى من هم ذو خبرة مثل الوالدين، وهما أولى النّاس بمشاركتك وتوجيهك في هذه الفترة الهامّة من حياتك. وأخيراً إذا تحكَّمت في مشاعرك قليلاً وتعلّمت ضبطها وتطويعها بَدَل أن تكون سيّدة عليك، فستستطيع بناء شخصيّة ناجحة سويّة، وعندئذ يهنّئك النّاس على اختيارك وتفكيرك وتكون قد عَبَرت فترة المراهقة بسلام.
أدعوك عزيزي أن تقرأ هذه المشكلة أيضاً
استمع إلى:
- المراهَقة (من برنامج "شباب عالبال").*