إعلانات الأرقام المميّزة تملأ الصّحف، وتجذب أنظار الشّباب وبعض الفتيات أيضاً،
يرونها مكمّلاً «للبرستيج» ونوعاً من التّباهي وصار لها سوقها الخاصّ. فكثيراً ما نقرأ « أرقام مميّزة للبيع»، «رقم غير مستخدم قابل للتّفاوض»، «للجادّين فقط أرقام مميّزة من المالك مباشرة فرصة لن تتكرّر للباحثين عن التّميّز والشّهرة»، «رقم موبايل مميّز والبيع لأعلى سعر».
وقد أرجع الشّباب أسباب حرصهم على امتلاك الأرقام المميّزة إلى أنّ الرّقم المميّز يسهل حفظه وبالتّالي يسهل إعطاؤه لأيّ شخص يطلبه بالإضافة إلى أنّهم إذا ما اتّصلوا بهذه الأرقام على أيّ شخص يبادر على الفور بالرّدّ دون تأخير.
وكلّما كان رقمك مميّزاً، تولّد شعور لدى الآخرين بأنّك شخصيّة لها وضعها وشأنها في المجتمع، هكذا هو الهوس الجديد للباحثين عن التّميّز. وليس غريباً أن نسمع اليوم عن مبالغ تدفع للفوز برقم لهاتف، وهناك مبالغ خياليّة تدفع للحصول على تلك الأرقام وزاد الطّلب عليها ما جعل أسعارها عالية بصورة مبالغ فيها.
ويظهر ذلك من خلال الحرص على امتلاك أرقام مميّزة والذي يصل إلى حدّ الشّغف، الأمر الذي دفع (الشّاهد) إلى البحث عن أسرار وأسباب هذا الشّغف. وكان التّحقيق التّالي:
تقول استشاري علم نفس الطّفولة والمراهقة د . فضيلة الفضلي: ظاهرة الأرقام المميّزة ودفع المبالغ الطّائلة ناجمة عن الفراغ الفكري والفراغ العقلي والعاطفي لدى الشّباب، وهذا الفراغ يدفعهم إلى محاولة التّميّز في هذه الأمور. ولا شكّ أنّ حرص بعض الشّباب على اقتناء وامتلاك الأرقام المميّزة والقيام بشراء هذه الأرقام بمبالغ كبيرة هو أمر مبالغ فية ومرفوض شكلاً ومضموناً، وهو من إفرازات الرّفاهيّة غير المقبولة. حيث أنّ هناك أوجُهاً كثيرة يمكن أن تصرف فيها الأموال التي تدفع في الأرقام المميّزة، كما أنّ الأمر يشير إلى تناقض كبير حيث يشكو البعض من ارتفاع الأسعار والغلاء، وفي الوقت نفسه يشترون أرقاماً مميّزة لا فائدة منها سوى الاستعراض والمباهاة.
وترى أنّ الشّباب ينظرون إلى المبلغ بأنّه لا يهمّ والمهمّ الشّهرة والتّميّز مهما كلّف الثّمن، فهم يتسابقون من أجل امتلاك أرقام مميّزة لهواتفهم، وسيّاراتهم، ومناسباتهم الاجتماعيّة، وهذا يسمّى بالتّنافس المحموم أو ماراثون السّباق، إذ تتنافس فيه مجموعة من الشّباب والشّخصيّات لامتلاك أرقام مميّزة مهما تعالت المبالغ.
وتشدّد الفضلي على ضرورة العمل على توعية كافة أفراد المجتمع وليس فقط الشّباب حتّى لايتحوّل الأمر إلى ارتفاع أسعار هذه الأرقام لتصل مبالغ خرافيّة.
وظاهرة هوس الشّباب لشراء هذه الأرقام ليس التّباهي والتّظاهر فقط، وإنّما يتعدّى ذلك إلى رغبتهم في التّواصل السّريع والسّهل مع النّاس وبناء العلاقات، معتقدين أولئك الشّباب أنّ الرّقم يعطيهم قيمة إضافيّة مهمّة، والأمر له أبعاد نفسيّة تنعكس خللاً أو مرضاً نفسيّاً لدى من يحرص على امتلاك هذه الأرقام المميّزة.
وهناك واقع في مجتمعاتنا حيث أنّ له جانباً من الحقيقة وهو البعد النّفسي حيث قد يكون الانسان يقصد من وراء امتلاكه لرقم مميّز سواء كان رقم جوّال أو رقم سيّارة أن يظهر بمظهر مختلف ومتميّز عن الآخرين وحتى يُشعر الآخرين بأهميّته ومكانته الاجتماعيّة والاقتصاديّة. فالهدف من الرّقم المميّز هو شعور الإنسان بأنّه متميّز عن غيره.
ونجد أنّ الإنسان بطبعه يسعى إلى أن يكون مميّزاً. فالتّميّز صفة من صفات الإنسان بشكل عام.
والعامل الآخر هو أنّ البعض يسعى للأرقام المميّزة لوجود اعتقاد سائد ما بين النّاس أنّ من يحمل رقماً مميّزاً هو شخصيّة مهمّة. وهذه ناحية سيكولوجيّة عند المواطن العربي، فعندما يتمّ الاتّصال من رقم مميّز وأرقام متشابهة فلا شعوريّاً الشّخص الآخر سوف يقول في قرارة نفسه إنّ من اتّصل بي هو شخصيّة مهمّة.
ومن العوامل المهمّة أيضاً في اقتناء الأرقام المميّزة هو <التّقليد>. ففي المجتمع العربي نسعى إلى تقليد بعضنا، سواء في شراء السّيّارات، أو الملابس، أو شراء الموديلات وكلّ ما يخصّ أمور الحياة، أي نحن شعوب تميل للتّقليد.
وأضافت الفضلي أنّ هناك ظواهر سلبيّة وإيجابيّة للأرقام المميّزة، ومن الظّواهر السّلبيّة سعي بعض الشّباب إلى الأرقام المميّزة حتّى يكون من السّهل على الفتيات حفظ أرقامهم بسهولة أو للتّباهي أمامهنّ، وهذه الطّريقة التي يتبعها بعض الشّباب للتّعرّف بالفتيات. أمّا بالنّسبة لرجال الأعمال فإنّه حينما يعطي رقمه المميّز لشخص ما، فمن السّهل حفظ وتذكّر الرّقم دون أيّ مشقّة، وهذه من الظّواهر الإيجابيّة.
وإنّ من يسعى إلى الأرقام المميّزة هي فئة الشّباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20-30 عاماً
تحقيق جيهان سليم- بتصرف