منذ أكثر من أسبوع لَفَتني جدّاً الخبر الذي تناولته عدّة قنوات فضائيّة في نشراتها الإخباريّة، والخبر هو عن أغلى شجرة ميلاد في العالم.
فهل حقّاً هي مُدهشة بارتفاعها البالغ 13 متراً، ومُبهرة بجواهرها المتلألئة والبالغ عددها 181 قطعة، من ألماس وزمرّد ولؤلؤ ولازورد وأحجار كريمة أُخرى؟ وهل حقّاً نقول يا لروعة هذه الشّجرة وبهائها؟ وما الفائدة إذا بلغ سعرها 10 آلاف دولار بالإضافة لـ 11 مليون الأُخرى قيمة الزّينة!!؟.
فكّرت كثيراً في هذه الشّجرة وتأمّلتها جيّداً وبحثت فيها عن ضالّتي فلم أجدها، أغاظني وأغضبني ذلك جدّاً وأحزنني. فأين الطّفل المولود في ترف وبهاء هذه الشجرة؟ أين الطّفل يسوع طفل الميلاد وصاحب العيد؟ بحثت عبر الإنترنت في صُوَر هذه الشّجرة، علّي أجد صورة لها مع المذود والطّفل، فلم أجد. مع أنّ الشّجرة ازدانت بالألوان الميلاديّة الحمراء والخضراء والزّينة التّقليديّة المعروفة، والتي لكلٍّ منها معناً ورمزاً معيّناً، إلاّ أنّها افتقدت لأهمّ الرّموز والمعاني، بل وأعظمها.
تعال معي عزيزي القارىء نتأمّل في كلٍّ منها:
1- الشّجرة: ارتبطت بالأعياد والتّقاليد الرّومانيّة القديمة، حيث كانت القبائل الوثنيّة تقدّم عند إحدى الأشجار ضحيّة بشريّة في عيد إله الغابات وإله الرّعد. وبعد تحوّل هذه القبائل إلى المسيحيّة، أصبحت الشجرة رمزاً لاحتفالهم بعيد ميلاد المسيح إله السّلام والرِّفق، الذي جاء ليَفدي ويخلّص لا ليُهلك ويُميت. وأصبح تقليداً سنويّاً أن تزيَّن الشّجرة في ذكرى ميلاد السّيّد المسيح.
2- النّجمة: هي العلامة التي قادت المجوس ودلّتهم على مكان الطّفل يسوع. فهي رمز لِجَلال وبهاء يسوع.
3- الشّموع: والتي تطوّرت فيما بعد للأضواء الكهربائيّة. تشير إلى أنّ المسيح هو نور العالم، هو الذي ينقلنا من ظُلمة الموت إلى نور الحياة.
4- الجرس: هو جرس الرّاعي الذي يستخدمه ليجمع خرافه حوله حتّى لا تشرُد، ويرمز إلى يسوع الرّاعي الصّالح الذي تسمع خرافه صوته فتتبعه.
5- العُكّاز: عُكّاز الرّاعي المعقوف والذي يستخدمه للإمساك بالخروف الضّال، ويرمز إلى الرّب يسوع المسيح الذي يبحث عن الإنسان الضّال حتّى يجده ويضمّه إليه.
6- اللون الأخضر: لون الأمل ولون الطّبيعة الذي يرمز إلى الحياة المتجدّدة دائماً، ويرمز إلى الحياة الأفضل التي يمنحنا إيّاها المسيح.
7- اللون الأحمر: يرمز لدمّ المسيح الفادي المسفوك لأجلنا على الصّليب.
8- اللونَين الذّهبي والفضّي: لَونا الملوك والعظماء، ويرمزان إلى ملك الملوك وربّ الأرباب، يسوع.
9- الهدايا: هي التي قدّمها المجوس للطّفل يسوع، الذّهب والمُرّ واللّبان والتي تعني أنّه الملك والمخلّص والكاهن. وهي ترمز إلى أنّ يسوع هو هديّة السّماء العظيمة للبشر.
10- المذود والحيوانات: التي تدلّ على مكان ميلاد المسيح، وترمز إلى اتّضاعه وتنازله من عليائه، ليكون قريباً ممّن أحبّهم حتّى الموت.
11- بابا نويل: بأشكاله المختلفة وملابسه. وهو القدّيس نيقولاوس ذلك الرَّجُل الغني والكريم جدّاً، الذي كان يتنكّر ليقدِّم المساعدة للمحتاجين ويُدخِل البهجة لقلوب الأطفال الفقراء. وهو يرمز لقلب الله الحنون الذي يعطينا بسخاء ولا يمنع عنّا أي خير أو بَرَكة.
وغير ذلك الكثير الكثير. لكن لا معنى ولا مغزى ولا قيمة لشجرة الميلاد مهما كانت عظيمة بدون طفل الميلاد، الرّب يسوع المسيح. الذي هو المركز والهدف والمغزى والمعنى الحقيقي للعيد، لأنّه صاحب العيد. فلا فَرح ولا بهجة ولا احتفال من دونه.
عزيزي القارىء، أرجو في غَمرة هذه الأعياد المجيدة ألّا تنسى صاحب العيد وألّا تُهمله، وأرجو ألّا يغيب عن بيتك واحتفالاتك. كما أرجو أن يولد إله السّلام في قلب كلّ من يدعوه ليُنير حياته بنوره العجيب.
فهلاّ تدعوه؟ أتمنّى ذلك.
أرجو للجميع عيد ميلاد مبارك ومجيد، وعام جديد هانىء وسعيد.