جميع البشر يأتون إلى هذه الأرض عن طريق التناسل والولادة. أما آدم وحواء فإنهما لم يولدا، وإنما خُلقا بقدرة الله الخلاقة.
ففي اليوم السادس للخليقة أخذ الله قليلا من تراب الأرض ، وجَبَل منه إنسانا، ونفخ في أنفه نسمة حياة ، فصار أول إنسان حي. ودعا الله هذا الإنسان آدم. وهكذا نرى أن آدم خلق مباشرة بعمل قوة الله.
ورأى الله أنه ليس حسنا أن يكون الإنسان وحده فأراد أن يصنع له معينا نظيره. فأوقع سباتا عميقا على آدم. وبينما هو نائم أخذ الله واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما. وبنى الله الضلع التي أخذها من آدم امرأة ، وأحضرها إلى آدم، فدعاها امرأة لأنها من امرئ أُخذت.
وغرس الله جنة وضع فيها آدم وامرأته. وقال لهما: "أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض. وأحضر الله كل الحيوانات والطيور إلى آدم فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية."
وكان في الجنة التي يعيش فيها آدم وامرأته أشجار جميلة وطلب الله من آدم أن يفلح الجنة ويحرسها. وأوصى الله آدم "من جميع شجر الجنة تأكل أكلا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها". أمر الله آدم وامرأته أن يسكنا الجنة، وأن يأكلا ما طاب لهما من جميع أشجارها ، ما عدا تلك الشجرة.
ولكن الشيطان، وهو مصدر كل خبث وكذب وشر، قد زرع في قلب آدم وامرأته بذور الشك في صدق كلمة الله. فقال لهما: "كُلا من الشجرة فتفتح أعينكما وتكونان كالله." إن الشيطان أغواهما بحيلته ومكره.
فلما ذاقا من ثمر الشجرة بدت لهما عورتهما، فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر. وفي اللحظة التي فيها أكلا فيها من الشجرة عصيا أمر الله. والعصيان هو الخطية. كل ما ليس منسجما مع إرادة الله الكاملة فهو خطية. وبما أن آدم وامرأته اتخذا موقف تمرد على إرادة الله، فصارا خاطئين، وأصبحت حالتهما حالة خطاة.
نادى الله آدم قائلا : "هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها ؟"
فقال آدم : "المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة ، فأكلت."
فقال الله للمرأة : "ما هذا الذي فعلت ؟"
فقالت : "الحية غرّتني فأكلت."
فقال الله للحية : "أضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه."
إن في كلام الله للحية نبوة مهمة نأتي على ذكرها في الدروس اللاحقة ونرى كيف تحققت.
لم يكن الله راضيا عن الأغطية التي صنعها آدم وامرأته بأوراق التين لستر عريهما. لقد استطاعا، بواسطة عمل أيديهما، أن يسترا عورتهما، ولكن هيهات أن يسترا خطيتهما عن الله. "أجرة الخطية هي موت".
ودعا آدم امرأته "حواء" لأنها أم كل حي بشري. وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما. والأقمصة من جلد تشير إلى أن ذبحا قد تم، كما أنها تدل على أن الأعمال الصالحة لا تقدر أن تستر الخطية.
وبسبب معصيتهما طردهما الله من الجنة. فاضطر آدم إلى العمل في حرث الأرض لتحصيل قوته. "بمعصية إنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع".
نحن جميعنا أولاد آدم، وكآدم جميعنا عصينا الله : "الجميع أخطأوا". وكآدم نحتاج إلى ما يستر خطايانا. وكما أن حيوانا ذُبح لكي يجد آدم وحواء في جلده ما يسترهما ، كذلك ينبغي أن نجد سترا لخطايانا.